صورتي
أحرُف .. أهمسُ بها لنفسي, أكتبها بمداد قلبي, أجدُ فيها راحتي ..

الأربعاء، 29 أغسطس 2012

هذا الإستغفار, فماذا ننتظر؟


من الحماقة, أن تبحث عن السلامة المطلقة من الذنوب, ولكن من الذكاء أن تستغفر وتتوب إلى الله قبل وعند وبعد كل ذنب تقترفه, فمن منا لا يذنب, ومن منا بإستطاعته اللجوء من تلك العثرات, فلو أراد الله هلاكنا؛ لعذبنا بذنوبنا حين إقترافنا لها, ولكن برحمته يمهلنا ويمهلنا حتى نستغفر, إنما نحن في إبتلاء مستمر لا ينقطع, وكل ما علينا فعله هو أن نجاهد أنفسنا, ونحصّنها عن كل مكروه, فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما من عبد مؤمن إلا و له ذنب يعتاده الفينة بعد الفينة، أو ذنب هو مقيم عليه لا يفارقه حتى يفارق الدنيا، إن المؤمن خُلق مفتناً تواباً نسَّاء، إذا ذكر ذكر", وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: "لو لم تذنبون لذهب الله بكم وجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم".

 

أستغفروا, فلنا ربُّ كريم ليس لكرمه مثيل, فقد قال صلى الله عليه وسلم: "إن صاحب الشمال –أي المَلَك على يسار العبد- ليرفع القلم ست ساعات عن العبد المسلم المخطيء, فإن ندم واستغفر الله منها ألقاها؛ وإلا كُتبت واحدة", فبادر حين إقترافك للذنب بالإستغفار, ولا تتباطيء, ولا تدع لوسوسة الشيطان بأن تُؤثر عليك, بل استغفر واستغفر ولا تقنط من رحمة وكرم الله, ومثال رحمة وكرم ربنا, ما رواه صلى الله عليه عن الله تبارك وتعالى أنه قال: "إن الله تعالى كتب الحسنات والسيئات، ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله تعالى عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله عنده سيئة واحدة".

 

سبحانك يارب, أحسنت لنا كل الإحسان, وأرضيتنا كل الرضى, وألهمتنا كل ما فيه خير وصلاح لنا, فقد قلت في كتابك الكريم: "مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ", للجنة فلنعمل, ونجتهد, وفي الجنة نطمع فهي غالية إلا لمن يستحقها, فلنكثر من الإستغفار علّنا أن نكون ممن يستحق دخولها.

 

يارب كرمك علينا فوق الوصف, ورحمتك بنا قد وسعة كل شيء, ما أكرمك يارب تُعجِّل في إحتساب الحسنة, وتُمهِّل في إحتساب السيئة, تُمهلنا لكي نستغفر وتتبدل السيئة إلى حسنة, تضاعف لنا الحسنات وتُبقي السيئة كما هيَ, ما أرحمك يارب فلو حاسبتنا بذنوبنا لهلكنا, وإنما برحمتك تعطينا ولا تحرمنا, اللهم يارب لا تعاملنا بما نحن أهلٌ له, وعاملنا بما أنتَ أهلٌ له.

 

يابن آدم لا تأمن مكر الله, ولا تتمادى في التسويف بل أعزم وأعقد النية الآن, فقد قال تعالى: " أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ", فهل يَسرُّك أن تكون من الخاسرين؟, وأحذر من إطالة الأمل, فقد قال الحسن البصري: "ما أطال عبدٌ الأمل إلا أساء العمل", وراجع نفسك في كل يوم وليلة قبل فوات الأوان, فالله يتقرب إليك, وأنت في هروب مستمر, يريد لك الخير وتصعد له بالشر, غنيٌ عنك ويعاملك هكذا, يتكرّم لك وشكرك قليل, ويتفضّل عليك وكفرك كثير, تعرفه عند الحاجة وتنساه عند الراحة, رحمته سبقت غضبه, وكرمه غُرس في كل حي وجماد, وحكتمه قبل كل شيء تسيرنا لما فيه خير لنا.

 

وأقرأ بتمعّن هذه البشارة الإلهية, قال فيها عز وجل: "وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ" ,وقال: "وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِد ِاللّهَ غَفُوراً رَّحِيماً", ويقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "إذا ألهمك ربك الإستغفار فأعلم أنه يريد أن يغفر لك", فكل ما عليكم فعله الآن, هو الإستغفار ثم الإستغفار ثم الإستغفار, فهذا كرم ربنا ورحمته بنا, فما ننتظر؟

الأربعاء، 1 أغسطس 2012

رمضان مدرسة ..~


رمضان مدرسة لإصلاح الأخلاق ..

جائنا الرسول صلى الله عليه وسلم بأعظم دين, ينشر المحبة وحسن الخُلق,مع الفقير قبل الغني, مع الصغير قبل الكبير, مع الأنثى قبل الذكر, فلا كرامة من غير خُلق الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم, ومن ابتغى غير ذلك ضاع وهلك, قال صلى الله عليه وسلم: ((إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)) وفي رواية: ((صالح الأخلاق)).

وفي حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خُلُق حَسَنٍ, وإن الله ليبغض الفاحش البذيء)).

وفي حديث عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن المؤمن ليدركُ بحُسن خُلُقه درجة الصائم القائم)).

 

ولكن !! ما نراه في أيام رمضان من تصرفات, تُشعرك بأنك في غير رمضان, على أتفه الأسباب ترتفع الأصوات, وكأن الصوم هو السبب, يوهم الشخص نفسه بأن الجوع لا يأتي معه الكلام الهاديء والحَسَن, تحدثه, فيرفع صوته قائلاً: أنا صائم. أخي !! الصيام ليس فقط بقولك: أنا صائم, الصيام هو أن تصوم بأفعالك وكلامك عن كل خُلق مشين, سواءً كان في نهار رمضان أو ليله, بل حتى في غير رمضان, فما نتعلمه من مدرسة رمضان, لابد لنا بأن نطبقه في غيره, فليس بإنتهاء رمضان ينتهي ما كنا نعمله من خيرٍ فيه.

 

ماذا ستخسر إن كانت الكلمة الحسنة عادة على لسانك؟ مع أختك, وأخيك, أمك, وأبيك, مع العامل, مع السواق, مع الكل, لن تخسر شيء بل ستكتسب الكثير من الحسنات والكثير من حب الناس لك, فقد قال الله تعالى مخاطباً نبيَه: ((وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)) "آل عمران:159". وورد في تفسير هذه الآية: ولو كنت –أيها النبي الكريم- فظاً في قولك, غليظ المعاملة لتفرّق عنك أصحابك, ولأبتعدوا عن نصرتك.

الخطاب جاء للنبي صلى الله عليه وسلم وكان خلقه القرآن, فكيف بنا.؟

 

ماذا ستخسر إن رسمت الإبتسامة على شفاتك؟ إبتسم في كل أحوالك, عن السرور إبتسم, عند الغضب إبتسم, عند الجوع إبتسم, عند الشبع إبتسم, بل حاول حتى أن ترسم الإبتسامه على شفاه كل من تقابل, لن تخسر شيء بل ستكسب الكثير من الأجر, فقد قال صلى الله عليه وسلم: ((تبسُّمك في وجه أخيك صدقة)).

 

أخي .. انظر في أخلاق قدوتك الرسول صلى الله عليه وسلم, وجاهد نفسك لتطبيقها ولو بالشيء اليسير من أخلاقه, فجزائك من الله كبير, والجنة تنتظر وتُزين لك, أفلا تستحق الجنة منا أن نسعى لها.؟

أصلحوا أخلاقكم, فإن لم تصلحوها في شهر رمضان, فمتى؟

 

وأختم كلامي بـقول الشاعر:


الصوم جُنَّةُ صائمٍ من مأثم ** ينهي عن الفحشاء والأوشابِ

الصوم تصفيد الغرائز جملةً ** وتحرُّرٌ من ربقةٍ برقابِ

ما صام من لم يرع حق مجاورٍ ** لأخيه أو لقرابةٍ وصحابِ

ما صام من أفنى النهار بغيبةٍ ** أو قال شراَّ أو سعى لخرابِ

ما صام من أدَّى شهادة كاذبٍ ** وأخلَّ بالأخلاق والآدابِ

تذكرة ..~


*تذكرة في شهر الصيام ..
أصدقاء كُثر, يصومون عن الطعام, ويُفطرون بالكلام, تجد الواحد منهم يسب ويلعن ويغتاب ويمشي بالنميمة ... إلخ, وعندما تأتي لنصيحته بالكف عن هذا العمل, يقول لك: ما هذا إلا كلام, والكلام ليس بطعام !!
وكأنه لم يسمع ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: ((رُبَّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع, ورُبَّ قائم ليس له من قيامه إلا السهر)).
وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: ((إذا أصبح أحدكم يوماً صائماً, فلا يَرْفُث ولا يَجْهَل, فإن امرؤٌ شاتمه أو قاتله, فليقل: إني صائم, إني صائم)).
وقال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ((ليس الصيام من الطعام والشراب وحده, ولكنه من الكذب والباطل, واللغو والحلف)).
وقال جابر بن عبدالله رضي الله عنه: ((إذا صمتَ, فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمآثم, ودع عنك أذى الخادم, وليكن عليك وقار وسكينة يوم صيامك, ولا تجعل يوم فطرك ويوم صيامك سواء)).
 
"لا تجعل يوم فطرك ويوم صيامك سواء"
 
*أخي الحبيب ..
الصوم لابد بأن يشمل جميع أعضاء جسدك, فمك: بالسكوت عن الكلام الفاسد, قدمك: بالإبتعاد عن مصائد الشيطان, يدك: بالعدول عن البطش الحرم, بطنك: بالجوع والذي به قد يلين قلبك لتتذكر الفقراء الذين لا يجدون ما يسدوا به رمقهم, يتساوون في جوعهم أيام فطرهم وأيام صيامهم, عينك: بحفظها من النظر في الحرام, أذنك: بصرفها عما فيه شر لها.
امسِكوا عن المحرمات ما استطعتم فهذا شهر رمضان شهر الخير, استغلوه بالطاعات والقربات, فالندامة كل الندامة لمن أدركه رمضان ولم يستغله.
 
ويكفيكم .. حديث أبي هريرة رضي الله عنه, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يقول الله عز وجل: الصوم لي, وأنا أَجْزِي به)).
 
اللهم أغفرلنا, وييسر لنا صيام وقيام شهر رمضان.