صورتي
أحرُف .. أهمسُ بها لنفسي, أكتبها بمداد قلبي, أجدُ فيها راحتي ..

الأربعاء، 6 فبراير 2013

الرجولة تحتَضر ..~





يُضحكني ذلك الإنسان الذي قد تنازل عن رجولته عندما يتحدث عن إنسانة قد تنازلت عن أنوثتها، حقاً فالطيور على أشكالها تقع، عندما أنظر لمثل هذا الإنسان تنتابني نشوة بالضحك شفقاً مما قد وضع نفسه فيه، وإحتراماً لمن حولي أجعل لنفسي حريتها في الإبتسامة الجامدة الصفراء، وأظنه عندما يرى مني هذا الشيء يعتقد بإني قد أُعجبت به، لا يدري بأني مشفقٌ عليه كل الإشفاق.

 

يعتبرون هذا نوعاً من الحضارة التي قد غفل عنها السابقون، عندما يلبسون تلك التي يطلقون عليها بـ (الأساور والحَلَق ... إلخ)، أو عندما يجعلون رؤوسهم مسرحاً للصبغات لكل مناسبة لونها الخاص بها، أو عندما يلبسون تلك السراويل التي قد أطلقوا عليها باسماء مقززه كـ (بابا أسمح لي، طيحني ... إلخ)، أسمائها بحد ذاتها كتلة من الغباء وبكامل إحترامي لن يلبسها إلا أحمق أخرق، دعني أسألك صديقي القارئ: عندما يعتاد الأحمق على لبس الغباء, فماذا سينتج لنا في الأجيال القادمة؟.

 

فهموا معنى شبابهم بصورة قاصرة، جعلوا التقليد دستوراً لهم، جهلوا معنى الرجولة التي باتت تعاني أشد المعاناة، عندما تنظر لذاك الشاب الذي قد تجمَّل بزينةٍ مبالغ فيها، أو تلك الحركة في مشيته المائله المتمايله التي لا أرى أنها تصلح إلا للنساء, حتى أن بعض النساء لا تعجبهم هذه الأطباع مع أنها تميل لطبيعتهم، أو ذاك الذي يقضي معظم وقته عند المرآة أكثر من أي أنثى, عندها ستعرف صديقي القارئ بأن الرجولة تُعاني بل أنها تحتضر.

 

يضحكون عندما يرون أحدهم وهو يمارس طبع البداوة، وكأنهم لا يعلمون بأن في قديم الأزمان كان أهل المدينة يرسلون أبنائهم إلى البادية، ليتعلموا أطباع الرجولة الحقَّة منهم، كان الحريُّ بهم أن يضحكوا على حالتهم المزرية التي وصلوا إليها، الرجولة ليست كلمة تتناقلها الأجيال عبر الأجيال، بل هي سِمات وأساليب يجب علينا أن ننميها ونطورها إن طال الزمن بنا أو قصر.

 

يتشبهون بالنساء وكأنهم يغفلون أو يتغافلون عن ما قاله صلى الله عليهم وسلم في هذا الشأن حيث قال: "لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء"، وكأن هذا اللعن لا يمثل لهم أدنى مشكلة، كان الأجدر بهم أن يسعوا ويبتعدوا بأنفسهم عن هذه الدوامة، حتى لا يكونوا من ضمن من قيل فيهم هذا الحديث, وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: "إن الله جميلٌ يحب الجمال", أترون بأن ما قد وضعتم به أنفسكم يدخل في معنى الجمال؟.

 

حافظوا على أنفسكم, وأبتعدوا كل البعد عن مثل هذه الأمور, وألبسوا بحكمة, لأن أمثالكم يؤذون من حولهم, لأن النظر إليكم بحد ذاته مؤذي للعين وللقلب, سؤالي لكم: ماذا تتوقعون أن يقول عنكم من ينظر إليكم؟ وقد قلبتم هيئتكم, أترونهم يمدحونكم؟ أم سيكرمونكم؟ لا والله, الرجل الصالح منهم ستجده يدعي لكم بأن يصلح الله حالكم, والرجل السيء أنتم أعلم به مني وما سيقوم به من أجلكم.

 

أحببت أن يكون كلامي لأبناء جنسي، لأنه والله أن منظرهم يزعجني ويؤذيني كثيراً، كيف لا يزعجني عندما أرى بأن الرجولة تتساقط على جنبات الطرق، وكأنهم قد جمعوها في أكياس مثقوبة، مع الزمن تزداد الثقوب سعةً وعدداً، فتزداد الرجولة تساقطاً، هم بذلك يحسبون أنهم يزدادون قدراً ورفعةً بين بني جنسهم حين يكونون على حالهم هذا، لا يعلمون بأن أغلب من ينظر لهم بنظرة الشفقة إن لم تكن نظرة إحتقار.

 

أحدهم قد يقرأ كلامي هذا، فيعتقد بأنه يقرأ كلاماً لرجل سبعيني قد شاب رأسه من شدَّة ما عاناه من هذه الدنيا، لا يا سيدي الفاضل، بل أن هذا الكلام قد خرج بحرقة من شاب عشريني، لا تكاد تصل عدد شعراته المكتسية باللون الأبيض الخمس شعرات، وأظن أنه عندما يصدر الكلام من شاب مثلهم قد يكون له الأثر الأكبر فيهم.