صورتي
أحرُف .. أهمسُ بها لنفسي, أكتبها بمداد قلبي, أجدُ فيها راحتي ..

الثلاثاء، 14 فبراير 2012

دع ذلك .. ولك الجنة !!





في يوم من الأيام ذهبت مع الأصدقاء في رحلة برية كانت مسبقة التحضير, وبفضل الله وجدنا المكان المناسب لما نريد, وفي نفس المكان كان يوجد وادٍ وبه أسماك صغيرة, وبالصدفة نظرت إلى الوادي فشدني ما يتحرك فيه فأقتربت إلى أن شاهدت الأسماك بداخله.
 
وعندما تأكدت من وجود الأسماك أخبرت من معي عنها ولكنهم لم يصدقوني, أحدهم قال هذه ليست أسماك إنما هي فطريات, والآخر قال ماهي إلا ضفادع, والثالث قال لا بل هي طحالب - عجزت عن تفسير ما قاله الثالث ^ــ^ - مع العلم أنهم يقولون هذه الأقوال وهم ولم يكلفوا أنفسهم عناء الإقتراب لهذا الوادي للنظر لما فيه, فسكتُّ لوهلة وقلت لهم أنتم رجال مسنون - لما يمتاز به المسن من تعصبه لرأيه - ومع الوقت اقترب الجميع للنظر لما في هذا الوادي, طائفة منهم صدَّقت بوجود الأسماك والآخرون ظلوا مكابرين لرأيهم, ومنهم من سكت ولم ينطق بكلمة واحدة.
 
ألهذه الدرجة أصبح الناس هكذا متعصبين لرأيهم ولا يريدون أن يعترفوا بخطأهم, بل أصبح همهم فقط من الجدال هو إثبات رأيهم وإن كان خاطئاً, لقد وصلنا لحالة يرثى لها أتمنى أن يزول ولو منها القليل, أنظروا ماذا قال الشافعي وهو من رجال العلم والدين ومن الذين أفنوا حياتهم في خدمة الدين قال رحمه الله: (ما جادلت أحداً إلا تمنيت أن يُظهر الله الحق على لسانه دوني), سبحانك يارب رجل بقدر الشافعي وما يمتلك من علم ومعرفة ويقول هكذا, أين نحن منه .! نجادل من دون معرفة بالحقائق, نجادل فقط لكي نشعر بأننا منتصرين على الآخرين, هل هذه الأخلاق هي الأخلاق التي أمر بها سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم .؟ لا والله فهو بريء عن هكذا أخلاق .
 
وأنظروا ماذا قال الله عز وجل مخاطباً لنبية محمد صلى الله عليه وسلم, قال تعالى:(ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) "النحل:125". عجباً هذا وهو رسول مرسل بأمر ربه, زين نفسه بحسن الخلق, وكان خُلقُه القرآن , كأن الله عز وجل يقول له كن حكيماً لكي تُفهم وكن لطيفاً في الوعظ لكي تُقبل وكن حسن الجدال لكي تُسمع, فما الحال بنا ونحن بشر لم نصل لما وصل له سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم, أليس من الجميل أن نقتدي بنبينا صلى الله عليه وسلم ونجادل بكل تفاهم وتقبل للطرف الآخر .
 
أليس من الجميل عندما نتناقش مع أحدٍ ما أن نحاول بشتى الطرق فهم ما يقصده الطرف الآخر, وهذا ما أشار له د.ستيفن آر كوفي في كتابه (العادات السبع للناس الأكثر فاعلية) حيث قال: اسعى أولاً لكي تَفهم ثم إسعى ليفهمك الآخرين . ولكن .. لكي تَفهم من؟ .. لكي تفهم من يخاطبك, ومن يجادلك, ومن يناقشك في أي موضوع كان, والملحوظ أن معظم الناس عند إستماعهم لشخصٍ ما في مناقشة أمرٍ ما, لا يكون سكوتهم وإنصاتهم من أجل الفهم .. لا, بل يكون إستماعهم بإنصات من أجل الرد حتى يشعروا بالإنتصار – مع أنهم خسروا الكثير - , سحقاً لمن يفكر بهذه الكيفية, الغرب يمارسون أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم في تعاملهم ونحن العكس, من الأحق بأن يتخذ النبي صلى الله عليه وسلم قدوة نحن المسلمون أم هم الكفار, أم ألجمتكم هذه المقوله: أننا مسلمون بلا إسلام وهم إسلام بلا مسلمون.
 
ألم تسمعوا ما قاله صلى الله عليهم وسلم : (أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء – أي الجدال - وهو محق), ألا تهمُّكم الجنة .؟ ألا تهمُّكم أنفسكم بأن تنعم بنعيم الجنة بإتباع هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم .؟. هذا وعد حق من خير البشرية ومنقذ الأمة, وما عليكم سوى الإلتزام بما فيه من أوامر, وجعلها عادة تربون أنفسكم عليها بل وتربون كل من تعرفون عليها لتفوزوا بالجنة.
 
وأخيراً .. اِفهم لكي تُفهم .. وجادل بالتي هي أحسن ..

 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق