صورتي
أحرُف .. أهمسُ بها لنفسي, أكتبها بمداد قلبي, أجدُ فيها راحتي ..

الجمعة، 28 أكتوبر 2011

المجهول والواقع المُر ..




في مسيرتي المعتادة نحو المجهول, شعرت بوحدتي التي تمكنت مني بل وأصبحت هي جسدي وهي كل شيء بالنسبة لي, أحسست بأني تائه في عالم لا أعرف عنه أي شيء؛ بسبب ما يحصل من أناس تعتقد بأنهم أوفياء تعتقد بأنهم يخافون عليك ويحترمونك ويحفضونك في غيبتك ويقدرونك حق قدرك, فتتفاجأ لأمرهم .! تجد قلوبهم قد أسودَّت وأشكالهم تزداد سوءاً يوما بعد يوم, عبدوا أطماعهم الدنيوية بل وطغت على قلوبهم وكأنهم لم يسمعوا قول الشاعر:
 
أطعت مطامعي فأستعبدتني ** ولو أني قنعت لكنت حراً
 
أصبحتُ أفضِّل بل وأرتاح كثيراً عندما أكون منعزلاً عن الناس, بل منعزلاً عن وحوش هذا الزمن, ليس لشيء في نفسي أو غضب مني عليهم وإنما حفاضاً على كرامتي وعزتي وخُلقي الرفيع من أن يشوهوه ويلوثوا رونقه.
 
أكملت مسيرتي من غير هدى تارة في الميمنة وتارة في الميسرة, إلى أن رأيت ذاك الشخص المقارب لعمري يمشي في نفس الشارع تظهر عليه علامات التعب والإرهاق, قادني الفضول لأتعرَّف عليه حاولت أن أمد يد العون له وأساعده لمَّا أحسست بما به من تعب قد تمكن منه, سألته ماذا بك؟  فنظر اليَّ بكل حرقة وقال هناك أناس وثقت بهم فطعنوني في ظهري, قلبي ينزف وجوارحي تبكي, فأتخذت قراراً وأجبرت نفسي على عدم البكاء.
 
كنت أستمع له وأنا في دهشة, فشخص كهذا وبتلك الهيئة يحتاج لمن يداويه ويزيل عنه الحزن خشية أن يُجرم في حق نفسه, واصلت السير معه وكلي شعور بكسره من الداخل, تبادلنا أطراف الحديث فوجدته شخصاً يمتلك قلباً مرهف المشاعر والأحاسيس ولا يعرف معني الكره ولا أظن أنه يسمع عنه شيئاً, حاولت أن أجعله يُخرج ما يكنّه في قلبه لعلِّي أستطيع التخفيف عليه مما هو فيه.
 
تمنيت لو أستطيع ذلك ولكني كنت أنا من يريد شخص يخرجني مما أنا فيه, أجبرت نفسي على الوقوف معه لما وجدته من صدق وطهر, شخص لا يستخدم أقنعة بل تجده على طبيعته ترتاح عينيك لمجرد رؤيته, إندمجنا في الحديث وكل واحد منا يلقي للآخر ما أكتنزه من آلام ومحن, وبعد عدة ساعات من الحديث بدأ بالسير بسرعة شديدة إلى أن بدأ بالإختفاء شيئا فشيئاً, صرخت بكل صوتي: ماذا بك؟ إلى أين تذهب؟ أجابني بصوت حزين, دعني فأنا تلك الأخلاق الكريمة والمعاني الرفيعة التي بدأت تتلاشى وتختفي من قلوب البشر, والتي علقوا عليها وشوهوا منظرها بمصالحهم ونزواتهم وأطماعهم, وهذا هو الواقع المر الذي أرغمنا على العيش فيه.
 
فزفرت زفرة مليئة بكل أنواع الحزن وأنشدتُ قائلاً شعراً لعنترة:
 
حكِّم سيوفك في رقاب العذّل ** وإذا نزلت بدار ذلٍّ فأرحلِ
واختر لنفسك منزلاً تعلو به ** أو متْ كريماً تحت ضل القسطلِ
لا تسقني ماء الحياة بذلّة ** بل فاسقني بالعز كأس الحنظلِ
ماء الحياة بذلّة كجهنّم ** وجهنّم بالعز أطيب منزلِ
 

 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق